إضاءات على الكناية في حاشية الطيبي على الكشاف للزمخشري
الملخص
حظيتْ البلاغةُ العربيةُ باهتمام العلماء قديمًا، وحديثًا، فانْبَرى لدراستها أئمةٌ ثقاتٌ منهم الإمامُ شرفُ الدّين الحسين بنُ عبد الله بنُ محمد الطِّيْبِي (- 743هـ) الذي يعدّ بحق أحدَ أئمة القرن الثامن الهجري وعَلَماً من أعلام البلاغة العربية.
وشهرة الطّيبي تبدو جليّةً في معظم فنون البلاغة ولاسيّما فنّ الكناية، التي عَمَدَ إلى فحصها وتحليلها تحليلًا بلاغيًا لإبراز المعاني، والأغراض البلاغية التي تخرج إليها ضمن سياق معيّن، وذلك في كتابه (التبيان في البيان)، وحاشيته على الكشاف للزّمخشري (فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب)، حيث درس الكناية دراسةً مستفيضةً مستفيداً مما ورد عند السلف تارةً، ومنفرداً بأفكارٍ وآراء جديدة تارةً أخرى، وعدّ الكناية الأصل الثالث من أصول علم البيان وقسّمها تقسيماً جديداً خَرَجَ به على تقسيمات البلاغيين السابقين، فجعلها إمّا مطلقةً أو غيرَ مطلقةٍ، وعرض في حاشيته لنماذجَ كثيرةٍ من هذين النوعين سالكاً الأسلوب التطبيقي في ذلك، ومُتحدِّثاً عن الكناية ومفهومها وعلاقتها بالحقيقة والمجاز، وبرهن على كلامه بالأمثلة والشواهد من آيات الذكر الحكيم، فعرض لطرائق الكناية المشهورة: (الكناية عن موصوف، والكناية عن صفة، والكناية عن نسبة)، كما أشار إلى دلالة الكناية التي قد تكون: (رمزيةً، أو تلويحيةً، أو إيمائيةً، أو تعريضيةً) بحسب وضوحها وخفائها.
وانفرَدَ الطّيبي بكنايةٍ تميّزَ بها عن غيره من البلاغيين سمّاها (الكناية الزُّبْديّة) وأدخلها ضمن الكنائية الإيمائيّة، وقد استنبطها من الزّمخشري وأطلق عليها هذه التسمية، وهو ما سنحاول تجليته في هذا البحث، معتمدين المنهج البلاغي سبيلاً للوصول إلى الأغراض البلاغية للكناية عند الطيبي.