مفهوم التخييل في أسلوب الاستعارة عند عبد القاهر الجرجاني.
الملخص
تعد الاستعارة أداة التّخييل التي ترينا العالم على غير ما عهدناه؛ عالماً متجدداً متحولاً تكتسب الكلمة فيه دلالات لا متناهية، فتكتسب الاستعارة تكثيفاً دلالياً يُضاف إلى دلالتها الحقيقيّة بفضل التصوير الخيالي عبر تقاطع مستوياتها بين أكوان مختلفة، وعبر الجمع بين عناصر لا توجد بينها رابطة في منطق الحياة.
وقد وجدت هذه الدّراسة ضالّتها في آراء عبد القاهر الجرجاني (471 هـ) البلاغية حول أسلوب الاستعارة من خلال حديثه عن مفهوم التّخييل وتجلّياته فيها.
وتتجلّى صلة الاستعارة بالخيال من منظور الجرجاني من النّواحي الآتية:
- أولاً: التّقريب بين الأشياء التي تُربط عادةً، فيقرن الخيال بينها ويتصوّرها في أحوال متنوّعة؛ مفردة ومركبة، وهنا يظهر حديث الادّعاء، وحديث تناسي التّشبيه في الاستعارة في آراء عبد القاهر الجرجاني؛ إذ من شأن هذين المفهومين أن يوضّحا عملية التجانس التي يقوم بها التصوير الخيالي عبر آلية الاستعارة.
- ثانياً: إضفاء الحياة على الأشياء، وإكسابها حياة إنسانيّة أو حيوانيّة، وتتمثّل صلة الخيال بالاستعارة من هذه الناحية بمفهومي التّشخيص والتّجسيم، إذ ينظر إليهما الجرجاني على أنهما من أهم بواعث بلاغة الاستعارة وجمالها.
- ثالثاً: انتقال الذهن من معنى إلى آخر من خلال الصورة الاستعارية، وتتمثل هذه الناحية في جانبين؛ جانب النّص من خلال جملة التّأثيرات النّصيّة الأسلوبية التي يكون التّخييل منبعها.
أمّا الثاني فهو جانب التّلقي, فالنّشاط الخيالي يتمثّل أيضاً في العمليّة الذّهنيّة التي يقوم بها المتلقي في أثناء تحليله نتوءات النّص ومثيراته, وما ينتج من ذلك من انفعالات واستجابات, وهذه الناحية ستكون آراء متفرّقة للجرجاني, نلمحها في جُلّ صفحات هذا البحث دون إفراد قسم أو نقطة دراسة خاصّة, محاولين من خلال حديثنا عن هذه النّواحي استجلاء رؤية الجرجاني لمفهوم التّخييل في أسلوب الاستعارة.
